top of page

الخرافات التونسية

النموذج الاجتماعي بين المعيش والمنشود من خلال الحكاية الخرافية

النموذج الاجتماعي المبني على " العلاقة مع الحياة"

 

 

الحكاية الأولى : اتجاه مدعم

مصيبة مرا

 

 يا سيدي يا بن سيدي هنا اليوم باش نحكو حكاية المرا اللي مات راجلها ومشت لشاعر كبير باش يكتبلها كلمات شعر ترثي بيهم راجلها، وهو نبدو الحكاية، ياسيدي على واحدة مات راجلها مشت لشاعر معروف في هاذاكا الزمان قالتلو أعملي كليمتين شعر على راجلي نتذكور بيهم، سكت الشاعر وقاللها: يا مرا راجلك ما عندوش واحة، قاتلو لا، سألها مرة أخرى: راجلك عندوش واحة، قالتلو لا، راجلي راهو فقير لا عندو لا أرض ولا واحة، سألها سؤال آخر وقاللها راجلك عندوش بقر وغنم؟ قالتلو لا، ما عندو كان وجه ربي، قاللها عندوش بونية صحيحة؟ قالتلو لا راجلي ضعيف قاللها يضربشي القصبة، قالتلو لا، راهو مريض عندو الفدّة، قاللها: مالا شدّي عندك، اسمع يا سيدي الشاعر آش قال للمرا:

لا أرض ولا واحة

لا بقر نطاحة

لا بونية طياحة

لا قصبة صياحة

مات الراجل ملّا راحة

وهاذيكا هيا حكايتنا اليوم.

 

 

الحكاية الثانية

النموذج الاجتماعي المبني على اتجاه الحد الأدني

 

العقلية المميزة لهذه الفئات هي القناعة والابتعاد عن الترف وعدم السعي والمطالبة بالمزيد من خلال تنشيط الفعل الاجتماعي والاقتصادي.

هذه الممارسات تنبع من الدلالات التي يعطيها المجتمع للهدف من الوجود في إطار الظرفية التاريخية التي يعيشها، وهي دلالات لا يمكن أن تكون فوق تاريخية بل إنها نابعة من صميم التجربة الفردية والجماعية حيث يتموقع الفعل بين الزمنية التاريخية وزمنية المنطق الاجتماعي من جهة وبين مستوى التفاضلية التي يقدرها الفاعلون فيما بينهم والتي تكون دافعا للحراك والرقي الاجتماعي من ناحية أخرى. ويبدو أن المستوى الثاني الذي يضع الفاعلين على درجة من التنافس والتمايز في الجهد والكسب والعمل والثروة باهت أو خافت إلى درجة كبيرة حيث لا حراك اجتماعي يذكر.

        ولم يهتم الأهالي كثيرا بالواقع وبالمجال أو بالدنيا ، بل كانت هذه الأخيرة من نصيب الآخر القايد أو العامل أو الباي والناس بذلك مقتنعون ولا يرون في ذلك إنقاصا من إنسانيتهم ، بل بالعكس تماما فالدنيا يمكن أن ينظر إليها على أنها تلك المرأة القبيحة التي لا تصلح إلا لأصحاب النفوذ حسب تراتبهم في السلطة، وهو ما تكشف عنه الحكاية الشعبية التي جمعناها لإثبات هذا الغرض.

 

الحكاية[1]

يا سادة يا مادة يدلنا ويدلكم للشهادة، فمّ قبل سلطان ولا سلطان غير الله، فم مرا، ادّور[2] في الشوارع ادّور، فم واحد كيما انقولو شيخ في البلاد، الشيخ هاذاكا المواهذية قعدت ادّور، واتشوف، قالت هذاي مش نوخذو[3]، مشت بدلت ولبست وزينت، روحت راجت[4] الشيخ، قتله صاحبي جيتك مش نوخذك، قالها ما نوخذك إلا ما نشاور الكاهية الخليفة. هزها للخليفة ترمت على الخليفة قاتلو باش نوخذك أنت. طرّد الشيخ قال هذي مرا تنجم توخذها أنت؟ هذي موش نوخذها ني.

 خذاها الخليفة. قال لا، ما انروحش بيها إلا ما انشاور الوزير. هزها للوزير هي وصلت للوزير وترمت عالوزير، وقاتلو ني[5] جيت ليك انت مش ناخذك أنت.  الوزير طرد القايد قاله برى امشي شد حكمك غادي هذي جايالي نني.

 الوزير قال ني تو ما نوخذ إلا ما نشاور السلطان. امشي للسلطان، قاله سي السلطان راي جتني مرا، و المرا هذي انحب ناخذها. قاله جيبها انشوفوها، بالك محصنة،  بالك براجلها، آش كون يعرف.

 جابها. هي رت السلطان ترمت عليه،  قتله ني جيت ليك إنت راو باش نوصلك انت . خذاها السلطان.  بش يعملولها عرس. مرا مزيانة ياسر،  باش يعملولها عرس ويعملولها هيلمنات، وجاريات تجري.

 اتبدلت المغرب، تبدلت ولّى شعرها مبوز[6]، وحواجبها هابطة، وشوافرها هابطة،  وشواربها ... ولّت عباثة[7].  آك الباي واك إيجو هزوها عليّ واك، إلي يراها يهرب مش هذي المرا مش، هذي قالو هذيك، قتله ني تشب في الباي. الباي فر مالحكم.

 خرج من الحكم . مشي أي لمّد إك الناس، قاللهم ايجو هزوا عليا. آك العسكر امتاعه الكل جي. آك العسكر متاع البي باش ايهزوها[8] ما نجموش ايهزوها.  حاروا، جي الباي في المحكمة متاعه وقال: تعرفوا كيفاه ، بروا دوروا في البلاد آش كون ينجّم [9] اينحّي. ها المرا هذيه نعطيه ما يجزيه.  مشوا داروا في البلاد . ثمة الوزير بدى يسهل، قالوا  ما هو ثمّة واحد  ولي صالح، يمكن هذاكة ينجمها.  قاللهم برّوا هاتوه.  قاللهم:

"ما غرّك يغرّك للبير، وناس اللي زهت فيك راحوا،  قدّاش غرّيتي من سلاطين بنيان بالجير طاحت، ارحلي على روحك دبي على روحك "

 آك لمرا مشت على روحها ماهي هي هي الدنيا هذيك هي الدنيا وخرافتنا ها با هابا وانشا لله العام الجاي تكون صابتين وصابة مش صابة وحدة./.

 

إن قراءة سريعة لأهم المصطلحات الواردة في الخرافة تأكد على أن الإطار الزماني والسياسي  الحاضن للأحداث يعود إلى فترة ما قبل الفترة المعاصرة فالذهنية المنتجة لهذا الخطاب تتحاور مع "الشيخ" و"القايد" و"الكاهية" و"الخليفة" و"السلطان" و"الباي"، وجميعها من المفردات الخطاب السياسي للقرن التاسع عشر وما قبلها تقريبا، مما يمكن أن يحيل إلى الواقع الاجتماعي والثقافي المميز لتلك الفترة.

ويعكس ملخص الحكاية النظرة الشعبية العامة لعلاقة النخب السياسية والفئة الحاكمة بالمال أو بـ"الدنيا". والدنيا التي برزت في صورة المرأة التي تعني المال وعموم الملك بامتياز.وقد كانت العلاقة التي جمعت السلطة السياسية بالمال علاقة متميزة وذات خصوصية بحيث شكلت ضغطا متناميا على الذاكرة الشعبية واستطاعت أن تحتل لها موقعا خاص برز من خلال الإنتاج الشفوي الشعبي.

إن الصورة العامة المميزة لهذه العلاقة تتكامل مع عقلية التخلي لدى الأهالي التي تترك الدنيا وما فيها للسلطة وأهلها ثم تحول هذا السلوك إلى تمثل إيجابي لديها .

 لكن تلك الصفة لم تكن ملازمة وأبدية ، فقد استطاع المجتمع في فترات تاريخية محددة خلال القرن التاسع عشر أن يستجمع بعضا من العناصر الثقافية المنتشرة،إما تحت ضغط الواقع والممارسة التي عمقت من محو مستوى التفاضل الاجتماعي ومست الأفراد والمجموعات في مالهم وأعمالهم ، وإما بفعل الإيمان بضرورة المشاركة وصنع الواقع ودرء شراك القدر بمختلف مكوناته ( راجع ثورة علي بن غذاهم).

إلا أنه سرعان ما فشلت هذه المحاولة ولم تستمر طويلا، وذلك بعد تحالف متعدد الأوجه ( البايليك + الباب العالي+ الدول الأوروبية العظمى + فئات من الأعيان ومن العلماء ومن فئة النخبة بشكل عام مثلما يحددها محمد العزيز بن عاشور[10]) كانت السلطة الوجه الأبرز والمباشر في ذلك.

 

 

 

الحكاية الثالثة

النموذج الاجتماعي المبني على اتجاه الكرامة

 

 

الحقرة: سيدي بوزيد

 

يشيخ بكري وقت (الخصاصة) وقت الناس بكري تبات ضال جياع، ثم عيلة ما قعدش عندها النعمة آخر نهاركيال كعبة وحاكم البلاد جاب بنت و جاب عيلة وجابه اولاد وقالهم توه الله غالب لا تتعشوا ولا ما ينفذوا ، برا ناي رييس ونموت بالشر، تسمع بي الدول وما علينا كان نموتوا موتة وحدة، نموتوا موتة وحدة وما نبينوش عارنا ونصبوا طاولة وجابوا عافاكم الله كاس متاع (قتال) وحطوا هاك الكاس بيناتهم، كل واحد خذا منو جغمة، إلي خذا منو جغمة طاح على الأرض ومات، قعدت الطفلة ما شربتش البلاد خالية ما فيها حتى حد، هجت خشت الصحراء في الخلاء لقت الغزال يوكا في الحشيش ويمشي مع الغزال بالشوية... بالشوية... حتى إلي ولت تجري كيما الغزال وتوكل كان في الحشيش، دارت الأيام وعطا ربي خيرو وحرثت الناس وولت صورت النعمة وولت عايشة كيما تاريخ بكري... هاك الطفلة هاذيكة ثم صياد يدور، صياد يدور لقى هاك الطفلة تجري في جرة الغزال، جرا في جرتها ما شدهاش، جا شايب كبير قال راي ثمة مرا إي مرا قال!! طفلة وراهي تجري كيما هي كيما الغزال وراني جريت في جرتها وما شديتهاش، دبر علي كيفاش نشدها؟ قال ثماش بقعة تروحلها؟ قال ثمة غدير تشرب عليه هي والغزال اتبع في الغزال تشرب معاه قال ترا طيب الكسكسي و اللحم وفوح مليح و ريقل مليح وجيب في حاشية الغدير و ابعد بيت عليها توه لكان شبعت بالنعمة و شربت الماء راي راي معادش تنجم تجري كالغزال  و كان الحديث هكاكة .ذبح هاك الراجل العلوش و طيب لحم ياسر و طيب قصعة كسكسي ولحم و جابها في حاشية الغدير و حطها جا الغزال يشرب الغزال ماو بكمة ما يعرفش النعمة هي ملي شبحت الكسكسي و اللحم هامت عليه مدت كرعيها و بدت توكل ضربت ضربت حتى لين شبعت بالماء و هو جاها  جاها جت تجري ما نجمتش شدها روح بيها لدار.

المرا تنوض بكري اتفرح اطيب لفطور معناها كان المنطق كان الكلام ما تتكلمش... لقاها طفلة جميلة ياسر قال لباباه وام قالهم هاذي نتزوج بيها قعدت هاك المرا تخدم على خدمة متاع نسا حرات... حبلت جابت وليد، جابت هاك الوليد وهي ما تتكلنش الكلام لا، ترضع فاك الوليد تنظف فيه، تريقل فيه والكلام ما تتكلمش خلاص.

رجع هاك الراجل لك الراجل إلي دبر عليه المرة الأولى قال دبر علي الطفله إلي جبتها راي مرا معانا ماعندهاش خجل لا محالة، يما له راي ما تتكلمش قال نقلك برا جي عقداها وشد الموس مضي الموس وهي ضال تراعي وبعد لا تمضي الموس وتقيسها تلقاها ماضية باهية قلها جيبيلي هاك الطفل تو تنذبحو، راي تو تتكلم. مشى عمل كيما أكاكة مضى هاك الموس، هاك الموس، هاك الموس وهي تراعيلو ماي ماتتكلمش وقلها جيبيلي هاك الطفل جاي، قعدت تمهمه، طبس عليه من قدامها وتكاه، كيما الشاة تو يذبح هو جاء قال هكة جبد الموس وهي رغت واتنطرت وحدة متاع حشيش من قرجومتها، اتكلمت، ابكت (هذيكة هي الحكاية).

قعد مدة زمنية هي ماي شبحت الشر كيف اتفضل نتشة كسرة تقول هذيكة نفطرها غدوة، كي تفضل نفة كسكسي تقول هذيكة ناكلها غدوة، يا بنتي خير ربي موجود علاش توكلي في المخلة، تقلهم لا ميسالش النعمة إلي بستحفظ عليها عندها تاريخ.

مرة من المرات قلها راجلها قالها نقلك إنتي ياما كنت بنت خماس وإلا كنت بنت ساسي ها الموت ميتة ع النعمة، سكتت عليه ما بتش تتكلم خلاص مرة من المرات قلتلو نمشو نزورو بلاد بابا قالها مسالش ركبها على الحصان وراه وهزت هاك الوليد عندها وتموا مروحين للمدينة إلي كان يسكن فيها باباها. قاعدة هاك الطاولة منصوبة وهاك الكاس عقاب مازال فوق الطاولة ورت الفيلا متاع باباها ورت هاك الديار متاع باباها الكل وجات لاك البقعة إلي فيها الطاولة وفيها الكاس مرشوق قالتلو "إسمع نشرب كاسي ونرقد مع ناسي إنموت كيف ناسي ولا يقولو بنت خماس ولا ساسي" وقالت هكة عقاب هاك الكاس قاتلو هاكة وشربت هي ووطحت على أرضها وهو كركرها وغطاها وهز هاك الشنتي وليدو وركب على الحصان وروح خلاها ثمة ومشى.

"هابا هابا حكايتنا خشت الغابة والعام الجاي تجينا صابة"   

تفسير بعض الكلمات العامية في الحكاية:

الساسي: المتسول طالب الرزق

وقت الخصاصة: وقت الاحتياج

قتال: السم

مظاهر العجيب والغريب: تحول الفتاة وتصرفها كالغزال ( أكل العشب وشرب المياه من الغدير، إضافة إلى الجري مثلهم)

 

 

 

 

 

 


 

[1]  هذه الخرافة حكاها السيد محمد الذيب السعيدي من مواليد 03-10- 1919 بمدينة بوفيشة من ولاية سوسة ، وهو  فلاح و متزوج له 05 أبناء من عرش أولاد سعيد . لم يتلقى تعليما مدرسيا ويعتبر الشيخ محمد من أكبر الشعراء الشعبيين في المنطقة حيث لا يخلو عرس من شعره الشعبي وغنائه، فهو يكتب الشعر الغزلي والمدح هذا إلى جانب الشعر الوطني. تم تسجيل هذه الحكاية في ديسمبر من سنة 2006.

 

[2] تجوب الشوارع

 

[3]  سأتزوجه.

 

[4]  انتظرت.

 

[5]  أنا.

 

[6]  متداخل

 

[7]  غولة

 

[8]  يحملوها ويطردوها

 

[9]  يقدر

 

[10]  حول مفهوم النخبة حسب محمد العزيز بن عاشور يذكر هذا الأخير ما يلي:

« Le terme ‘ élite’ doit être entendu ici dans son acception la plus large, c’est à dire qu’il englobe non seulement les notables de la politique, de la religion ou de l’argent mais tout groupe socio- professionnel ou individu exerçant, en vertu de ses attributions officielles ou reconnues par l’usage de son savoir , de sa compétence, de son ascendance, de sa vertu, etc… une autorité dans la ville. Le terme couvre en l’occurrence une vaste partie de la société musulmane fixée à Tunis : des plus haut dignitaires jusqu’aux ‘amin-s des métiers en passant par le sayh al madina, les sayh des faubourgs, les enseignants, les notaires etc… ». Mohamed Aziz Ben Achour, "Catégorie de la société Tunisiennes..", p19.

bottom of page